موجز فلسفة التضامر

التعريف :

فلسفة التضامر: هي محاولة فكرية جديدة لإعادة النظر في طرق التفكير والعلاقات بين المعارف.

تقوم هذه الفلسفة على افتراض أنّ ما يبدو لنا ظاهراً (المعطيات أو النظريات أو المواقف) يخفي وراءه علاقات مضمرة وغير مماثلة له، وأن اكتشاف هذه العلاقات يفتح أفقًا جديداً لفهم المعرفة والوجود.

تنطلق من اساس أن الفكر الإنساني لا يستقر على نمط واحد من الإجابة، بل يتقلّب دائماً بين أطروحات متغايرة، وربما متناقضة أحياناً. وهذا التبدل المستمر في النتاج المعرفي للعلوم والفلسفة والدين والآداب يكشف عن مبدأ عام: أن كل ما هو قائم يحمل في داخله إمكانيات مضمرة لا تماثله، تظهر مع الزمن لتفتح أفقاً جديداً.

هدف التضامر هو البحث عن المؤتلف في المختلف، وعن إمكانيات التكامل بين ما يبدو متبايناً أو لا متماثلاً. فهو لا يسعى لتوحيد المعارف في نسق صارم، بل لفتح المجال أمام التفكير في الاحتمالات المضمرة خلف الظواهر، وتوسيع دوائر الرؤية بحيث لا تُختزل الحقيقة في منظور واحد.

بهذا يمكن أن يسهم التضامر في تنشيط طرق التفكير، وكشف إمكانيات جديدة لمعالجة الإشكاليات المعرفية والوجودية.

باختصار: فلسفة التضامر هي مشروع فلسفي يسعى إلى تجاوز حدود النظريات والمناهج التقليدية عبر كشف العلاقات غير المماثلة بين الظواهر والمعارف، والاعتراف بأن وراء كل مظهر احتمالات مضمرة متعددة، تجعل الحقيقة دائماً مفتوحة وقابلة لإعادة النظر.

نقاط تهتم بها الفلسفة:

التماثل واللاتماثل: يعارض المفهوم التفسيري التقليدي الذي يعتمد على التماثل أو التناقض الثنائي، ويقترح أن الواقع أكثر تعقيداً، وأن العلاقة التضامرية تجمع بين عناصر لا متماثلة لكنها مترابطة عبر نظام مضمر.

الاختلاف المعرفي طبيعي ومتكرر: يظهر الفكر الإنساني دائماً في أنماط متغيرة: كل نظرية أو فكرة غالباً ما يُعقبها أو يلازمها نقيض أو بديل، وهو ما يدل على بنية معرفية غير إحادية.

الرابطة المضمرة: هذه التغيرات ليست دائماً صراعات عشوائية، بل هناك روابط مضمرة – غير مرئية في البداية – تفسر ظهور النقيض أو المختلف.

نقد الثبات المعرفي: النموذج ينتقد فكرة وجود “حقيقة مطلقة نهائية”، ويرى أن كل معرفة هي خطوة في مسار متغير، وأن ما هو مقبول اليوم قد يصبح بدائياً غداً.

الصيغة الصورية التضامرية:

الصيغة هي:

ظ ı∣ ض(ح₁، ح₂، …) +1 ⊨ د(م)

وتفصيلها كالتالي:

  1. المظهر (ظ):
    هو ما يبدو ظاهراً أمامنا: المعطيات، النظريات، الآراء، أو أي إطار معرفي سائد.
    يمثل ما نراه أو نفترضه بأنه الحقيقة أو التفسير الأقرب للواقع.
  2. العلاقة التضامرية (ı∣):
    هي الجسر الذي يربط الظاهر بالمضمر.
    تفترض أنّ وراء كل مظهر توجد احتمالات مضمرة لا تشبهه ولا تماثله، أي أنّ ما يظهر ليس إلا وجهًا واحدًا، بينما الحقيقة أوسع.
  3. الاحتمالات المضمرة (ض):
    فضاء مفتوح غير محدود من الاحتمالات: (ح₁، ح₂، …، حₙ).
    هذه الاحتمالات لا تطابق المظهر بل تعارضه أو تختلف عنه، قد تكون غير مألوفة أو غير منطقية، لكنها تكشف أن الظاهر ليس مطلقًا ولا نهائيًا.
  4. +1:
    يمثل الاحتمال المجهول كليًا.
    لا يوصف ولا يتخيل، هو انقطاع مفاجئ لا يُنبثق من أي من الاحتمالات السابقة. وجوده ضروري للدلالة على أنّ هناك دومًا ما يتجاوز كل ما نعرفه أو نتوقعه.
  5. ⊨ (العلاقة المقيدة):
    تربط الظاهر والمضمر داخل إطار محدّد.
    أي أن العلاقة بين الظاهر والاحتمالات المضمرة لا تكون مطلقة، بل مقيدة بدلالة معينة.
  6. الدلالة المحددة (د(م)):
    هي الفضاء النسبانوي الذي يحدد مجال التفكير.
    مثلًا: إذا كان السياق رياضيات، فالدلالة هنا نظرية الاحتمالات؛ وإذا كان السياق بيولوجيا، فالدلالة هي البيئة والعوامل الحيوية.
    الدلالة تجعل الانتقال من الظاهر إلى المضمر يتم داخل إطار علمي أو فلسفي معين.

إذاً: الصيغة تقول:

إنّ كل مظهر (ظ) لا يمكن فهمه إلا إذا وضعناه في علاقة تضامرية مع احتمالات مضمرة (ض) غير مماثلة له، ومع احتمال مجهول (+1) يظل مفتوحاً، وذلك ضمن فضاء دلالي [د(م)] يقيّد العلاقة ويوجهها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *